إنغريد برغمان، آلهة السينما

إنغريد برغمان، آلهة السينما

Partager

سيّدي العزيز روسيليني،

"لقد شاهدت فيلميك،  Rome ville ouverte و Paisan، ولقد أعجبت كثيرا بهما. اذا كنت في حاجة لممثّلة سويديّة تتحدّث الانقليزيّة بطلاقة، لم تنس ألمانيّتها، يصعب فهمها اذا تكلّمت بالفرنسيّة ولا تعرف من الايطالية سوى كلمة « Ti amo » (أحبّك)، فستجدني على أتمّ الاستعداد للقيام بفيلم معك."

إنغريد برغمان

"لقد تلقّيت رسالتك بتأثّر كبير، وإنّها لقد صادفت يوم ميلادي لتكون بذلك أجمل هديّة. المؤكّد في الأمر، هو أنّي حلمت بالقيام بفيلم معك، وأنّه بداية من الآن، سأبذل كلّ ما في وسعي كي يتحقّق هذا الحلم. سأكتب لك رسالة مطوّلة أشرح فيها أفكاري.  بالإضافة إلى اهتمامي الجديّ، كلّ تعابير الامتنان مع تحيّاتي الطيّبة"

روبيرتو روسيليني، نزل اكسلسيور، روما.

 

لا يعرف الكثيرون أنّ القصّة بين هذين العملاقين، روسيليني و انغريد برغمان، قد انطلقت بهذا الشّكل، بكلّ ما تحمله البدايات من عفويّة وبراءة. كيف لا، ولقد غمرت الفضيحة الأمر في السنوات الخمسين، حين أعلنت علاقة الحبّ بينهما خلال تصوير فيلم « Stromboli » الذي كتب خلاله روسليني شخصيّة انغريد على قياس رسالتها، والتي تعكس صورتها في الواقع، تلك المرأة التي تتواصل بالانقليزية مع حبيبها الايطاليّ، وهجرته أخيرا لعدم تحمّلها العيش معه. فيلم حزين عن مدينة ساحليّة ايطالية، تنبّأ فيه روسيليني بنهاية قصّته مع انغريد، حيث طلّقا سنة 1957 بعد إنجاب ثلاثة أطفال.

 

كانت انغريد، حين تركت كلّ شيء من اجل تجربتها السينمائيّة ثم الغراميّة مع روسيليني، أحد جميلات هوليوود وأهمّ ممثّلاته خاصّة بعد إشعاعها في الفيلم الأسطوري "كازابلانكا" « Casablanca » (1942) وبعد التجربة الثرية مع هيتشكوك Hitchcock في ثلاثة أفلام متتالية « Spellpound » (1945)، « Notorius » (1946) و « Under Capricorn » (1949). وكانت أيضا، زوجة لعالم فيزياء سويديّ وأمّا لطفلة. علاقة شكّلت محلّ فضيحة كبيرة خاصة لانغريد التي حرمت من هوليوود لمدّة سبع سنوات، اشتغلت خلالها على أربع عناوين أخرى مع المخرج الإيطاليّ "أوروبا 51 Europe 51/ "، "الخوف. La peur"، "سفر لإيطاليا. Voyage en Italie"، و "Jeanne au Bûcher".

 

سجّلت انغريد بعد ذلك عودة تاريخيّة لهوليوود من خلال فيلم "آناستازيا Anastasia" من اخراج آناتول ليتفاك Anatol Litvak والذي تحصّلت بفضل دورها صلبه على الأوسكار الثاني في مسيرتها سنة 1956. عودة استفزّت الجميع لإعادة النّظر في هذه الأيقونة وتركت ردود فعل ايجابيّة كشأن ماقاله مخرجها آناتول:

"إنغريد الآن، هي بأفضل حال من أي وقت مضى. تبلغ من العمر 42 سنة، لكنّ مظهرها إلهي. إنّها بسيطة. شخص مستقيم. فخلال كلّ المصاعب التي مرّت بها، قد عاشت بطريقة تكون بها حقيقيّة أمام نفسها، ما جعل منها شخصا مميّزا. هي سعيدة الآن بزواجها الجديد وبأطفالها الثلاثة من روسليني، وهي تحبّهم جميعا كثيرا."

 

كثيرة هي المصاعب التي تحدّث عنها ليتفاك دون أن يذكرها، والتي مرّت بها انغريد منذ وجودها وحيدة اثر وفاة والديها خلال طفولتها، وفشلها المتتالي في الدراسة الذي لم تنقذ نفسها منه سوى بعد دراستها للتمثيل بمعهد الفنون المسرحيّة، وحتى فشلها في تجربة الأمومة التي لم تشكّل يوما عائقا أمام جمالها، جنونها، ومسيرتها السينمائيّة.

 

ليس غريبا في النهاية، أن يكون آخر أدوارها أمّا في فيلم Autumn Sonata  لإنغمار برغمان، عازفة البيانو الشهيرة التي تسافرلزيارة ابنتها التي تركتها منذ سنين. ثمّ اختتمت مسيرتها بمسلسل A woman Called Golda  ما جعل ابنتها إيزابيل تقول:

"هي لم تقم يوما بإظهار نفسها على هذه الشاكلة في الواقع. في الواقع، لم تظهر أمّي سوى الشجاعة. كانت هشّة بعض الشيء، شجاعة، لكنّها هشّة أيضا. لقد أدهشني حضورها الكبير في هذا الدور... حين تفرّجت على تمثيلها، رأيت أمّي كما لم أرها في أيّ وقت مضى".

 

إنغريد برغمان، مسيرة مليئة بالأعمال السينمائيّة، بالنجاحات والجوائز، بالفشل وبالمغامرات العاطفيّة وبالقرارات الحاسمة. توفّيت يوم ولدت، وتركت للعالم صورة جميلة بشكل ملامحها.