"عالم بلا مالي" و "وين راح مراح": أهمّ الكليبات التونسية في شهر فيفري

"عالم بلا مالي" و "وين راح مراح": أهمّ الكليبات التونسية في شهر فيفري

Partager

في عالم اليوم، عالم الصّورة والأرقام، لم يعد كافيا إنتاج الموسيقى حتى يستمع الناس إليها، لتصبح صناعة الأغاني مرتبطة بشكل مباشر بصناعة الصّورة، حتى أنّنا لم نعد نتحدّث عن أعداد استماع، إنّما نتحدّث عن أعداد مشاهدة، لنقيس نجاح أغنية ما من عدمه.

خلال وقت قصير، تطوّر مفهوم صناعة الصّورة في حدّ ذاته، وتغيّرت تقنيات إنتاجها وطريقة إخراجها، وتحوّل الأمر من صورة وكفى، إلى صورة سينمائيّة، فصرنا نشاهد أفلاما قصيرة مصاحبة للأغاني عوضا عن "فيديو كليبات" كلاسيكيّة.

في تونس اليوم، بعيدا عن الإنتاجات الضخمة والمصطنعة، هناك مغارات فنيّة تصنع فيها صورة مختلفة، تسير جنبا لجنب مع موجة بديلة لموسيقى تكسر القيود الجماليّة الكلاسيكيّة، وتخلق لنفسها ما يعكس واقعها الذي لا تصله كاميرات الفرح والسعادة، إنّه واقع تحت القاع، له جماليّاته الخاصّة وفنّه الملائم.

 

"عالم بلا مالي"

 

بين أحد هذه المغارات الفنيّة، نجد "الدبّو"، إحدى أهم التجارب الحديثة للإنتاج الموسيقي المستقل في تونس. احتفل "الدبو" منذ أقلّ من أسبوع بعيد ميلاده الخامس، وقدّم لجمهور الهيب هوب، أغنية "عالم بلا مالي"، تمّ تنزيلها على الأنترنت يوم 18 فيفري 2018، غناء تيغا Tiga Black Na و فايبا Vipa.

تجمع "عالم بلا مالي"بين الموسيقى الإلكترونيّة و آلة الغيتار (مراد ماجول)، وآداء الرّاب الذي اختلف بدوره بين تيغا وفايبا، حيث يقدّم تيغا نوعا من الراب المغنّى ويعتمد فايبا تقنية ال"سوينغ" التي تطبع الكثير من أغانيه.

في محتواها، تبتعد "عالم بلا أمالي"، عن "أنا" الراب المتضخّم، وتخرج عن حدود الكلاش وكره البوليس مع حب المخدرات، لتنخرط في معالجة مواضيع مازالت أغاني الراب في تونس لم تلتحق بعد بالركب العالمي في الحديث عنها. تحدّثنا عن الحرب، عن المجازر اليوميّة وعن النظام العالمي المسؤول المباشر عن كلّ البشاعة التي تحدث في العالم دون أن يكون في الصورة بالضرورة.

أغنية ناجحة موسيقيّا، دعّم نجاحها الفيديو كليب من إخراج سندة جبالي، التي صنعت صحبة أحمد ثابت صورة خاصّة بالسينما التجريبيّة، تضعك في نفس حالة الاستنكار التي تعيشها الأغنية، وحالات الغضب والعزلة في آن.

 

 

 

 

« وين راح مراح"

 

وإن كان مستقرّا في بلجيكيا، يعتبر جوهر باسطي من بين أكثر الموسيقيّين التونسيّين، تشبّثا بالقصص الشعبيّة واقعا ومخيالا. بعد ألبوم "قِبلة وقُبلة" يعود جوهر بألبوم "وين راح مراح"، وهو عنوان الأغنية التي تمّ تصويرها في فيديو كليب شخصيّته الرئيسيّة الممثّلة فاطمة بن سعيدان.

كما الأغنية، يصوّر فيديو كليب "وين راح مراح"، قصّة امرأة في سنّ متقدّم، تبحث عن ابنها الذي لم تلده يوما. بسينمائيّة عالية، وبتمثيل لم نستغربه من شخص بحساسيّة وحرفيّة فاطمة بن سعيدان، تتجوّل الكاميرا بين أرجاء غرفة الشخصيّة ثمّ في شوارع أحد الأحياء الشعبيّة، أين  تتوه" الأم" باحثة عن "مراح"، هذا الابن الوهميّ الذي جعل منها محلّ استهزاء واتّهام من قبل مجتمعها.

« عدم إنجاب طفل ، كان عبئا ثقيلا عليها، فدفعها الضغط الاجتماعيّ إلى خلق طفل وهميّ، لتطرق الأبواب باحثة عنه". هكذا لخّص جوهر قصّة الأغنية التي تعبّر بجماليّة دقيقة وعالية عن ظاهرة موجودة بقوّة في كلّ وسط شعبيّ.