أول رواية عربية صدرت باسم مستعار: "مصري فلاّح" يكتب "زينب" قبل أكثر من مائة عام

أول رواية عربية صدرت باسم مستعار: "مصري فلاّح" يكتب "زينب" قبل أكثر من مائة عام

Partager

 

يتّفق عدد هام من النقّاد والمفكرين العرب، أنّ رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل هي أول رواية عربية بالمواصفات التقنية والأدبية الشاملة، في حين تذهب بعض الأصوات المناهضة إلى اعتبار الكاتبة اللبنانية زينب فواز هي الرائدة برواية "حسن العواقب" التي ألفتها سنة 1899 أي قبل 15 عاما من صدور "زينب".

 

انطلق محمد حسين هيكل في تأليف روايته سنة 1911 وصدرت للمرّة الأولى في سنة 1914.

ذهب عدد من الملاحظين إلى اعتبار خوفه من تأثّر مهامّه كرجل قانون وسياسي فاعل في مصر في تلك الفترة دفعه إلى حجب اسمه الحقيقي وتعويضه بعبارة "مصري فلاح".

بعد نحو 15 عاما عاد هيكل ليصدر طبعة أخرى من "زينب" يوقّعها للمرّة الأولى باسمه كاملا.

 

تحمل الرواية إسم امرأة ريفية بسيطة تعيش قصة حب لا تكلّل بالزواج كالنهايات التي تذهب إليها القصص الشرقية في معظم الأحيان، رواية متمرّدة على محيطها وتسجل بأحرف ذهبية حدثا بحجم الكون.

صيغت رواية "زينب" بلغة عربية منمّقة وبكثير من الإطناب في الوصف، وكأن الكاتب كان مشدوها بسحر ريف مصر وقد عمد عبر الكلمات والعبارات إلى إبراز ذاك الجانب المضيء في روايته ذات الطبع "المأساوي".

"زينب" هي رواية مغرقة في الواقعية، تسرد بصدق كبير معاناة الفلاحين البسطاء في ريف مصر في فترة بداية القرن التاسع عشر وما كانت تعانيه المرأة من ضغوطات اجتماعية تحجّمها وتسلب منها أبسط حقوقها في الإختيار.

تصاب "زينب" بمرض السلّ وتقضّي أياما سوداء من عمرها على الفراش منهارة تبكي وتقبّل منديلا كان لحبيبها "ابراهيم" الذي لم تتزوجه فيما أرغمتها عائلتها على الزواج من آخر.

أليست رواية متمرّدة حين تهدينا نهاية كهذه؟ في فترة نجد فيها جلّ الحكايات الشرقية هي حكايات وردية النهايات تنتهي بزواج الأبطال.

 

mhmd_hsyn_hykl.jpg

 

 

هيكل هو من مواليد 1888 من أسرة عريقة، سافر إلى باريس بعد تخرّجه من مدرسة الحقوق عام 1909 ونال درجة "الدكتوراه" سنة 1912.

اختار التّدريس في الجامعة بداية من سنة 1917 ولكنه كان شغوفا بالكتابة للصحافة فصدرت له مقالات سياسية وأدبية في عدد من الصحف على غرار" الأهرام" و"الجريدة"، واستقال من الجامعة في سنة 1922.

تفرّغ محمد حسين هيكل في فترة لاحقة للعمل السياسي وترأّس تحرير جريدة "السياسة الأسبوعية" الناطقة باسم حزب الأحرار الدستوريين سنة 1926.

اهتمّ في مؤلفاته بالتاريخ والسيرة النبوية وسيرة الصحابة والنقد الأدبي.

 

في سنة 1933 قدّم باكورة أعماله الدينية بعنوان "حياة محمد" إلى جانب عدد آخر من المؤلفات "في منزل الوحي" و"الفاروق عمر" و"الصديق ابو بكر" و"مذكرات في السياسة المصرية".

في سنة 1922 أسهم في وضع أول دستور مصري وفقا لتصريح 28 فيفري.

ترأّس وزارة الأعراف في 3 مناسبات وكان آخرها سنة 1944، وتولّى رئاسة مجلس الشيوخ في الفترة الفاصلة بين 1945 و1950.

مثّل مصر في محافل دولية متعددة كجامعة الدول العربية عام 1945 في توقيع ميثاق الجامعة حينها، وفي الأمم المتحدة عام 1946 كرئيس للوفد المصري وسجلت له مواقف إيجابية في قضايا النزاع المصرية والفلسطينية.

 

zenab.jpg

 

قبيل تصويرها للسينما المصرية سنة 1930 في فيلم صامت عاد هيكل ليعترف بروايته "زينب" وينسبها إليه رسميا في طبعة صادرة سنة 1929.

يذكر أن فيلما ثان أنجز في سنة 1952 وكان ناطقا هذه المرّة وهو من إخراج محمد كريم شارك في التمثيل كل من راقية إبراهيم ويحيى شاهين وفريد شوقي وسناء جميل وشهرزاد.

قدّمها محمد فتحي أبو بكر بالقول أنها "أول محاولة قصصية بارعة في أدبنا، إذ سبقتها محاولات روائية في مصر والشام ولكنها لم تكن بالنضج الفنّي الكافي إذا ما قورنت برواية هيكل".