لينا بن مهني: انتصرت على الحياة قبل الموت

لينا بن مهني: انتصرت على الحياة قبل الموت

Partager

فالحرب الحقيقية عند المرض… المرض الشديد، ليست ضد الموت الذي سيباغتنا في شتى الحالات، إنما هي حرب مع الحياة ومن أجلها حتى لا يكبّلنا الوهن ولا يفتك بقلوبنا اليأس… فنعيش. انتصرت لينا صباح هذا اليوم.

انتصرت لينا، لأنّها لم تحي يوما لنفسها فقط، بل للجميع في نفس الوقت. لكل من لم تسنح لهم فرصة حياة كريمة في هذا البلد، لكل من لم تتوفر لهم أدنى شروط الكرامة ولكل الحاملين لصفة "مواطن" دون أن يوجد أي شرط لتحقيقها. 

ذاك الجسد الهزيل، حمل عبئ شعب كبير بكم لا ينتهي من التناقضات وبذاكرة دموية أليمة ومشوهة، كلّ هذا لم نكن نراه على ملامح لينا ولا على طريقتها في الحديث أو المواجهة، فرغم المرض الشديد، نجحت لينا في إقناعنا ببديهية ما تقوم به كل يوم ولم تصدّره يوما على أنه إنجاز عظيم. 

رحلت لينا، وهي شوكة في حلقة كل نظام مر على تونس بداية من بن علي، رحلت وهي صوت كل من لا صوت له، رحلت وهي ملهمة لكل من عاصروها من قريب أو من بعيد. 

حقوقية، ناشطة بالمجتمع المدني، مدونة  وأستاذة تعليم عالي، من بين آخر إنجازاتها كان جمع كتب للمساجين التونسيين، حيث  أعلنت لينا بن مهني خلال لقاء انتظم بمقر مركز الدراسات والبحوث والتوثيق والإعلام حول المرأة (كريديف) يوم الأربعاء 04 ديسمبر 2019، عن تمكنها من جمع خمسة وأربعون ألف كتاب تم توزيعهم على كل السجون ومراكز الإصلاح في التراب التونسي لفائدة المساجين والسجينات. 

تم جمع هذا العدد الكبير من الكتب في إطار حملة كانت قد أطلقتها لينا بن مهني في شهر فيفري من سنة 2016 اثر زيارتها لسجن المرناقية أين لاحظت عدم توفر الكتب بالأعداد الكافية لكل المساجين.

فاعلة في المجتمع المدني ومهتمة بشكل خاص بحقوق المساجين، أطلقت لينا بن مهني هذه الحركة منتظرة   الحصول على ثلاث آلاف كتاب فقط، إلا أن هذا العدد قد اكتمل بعد أسبوعين من الإعلان ووصل خلال ثلاث سنوات إلى هذا العدد الضخم. 

خلال آخر تصريحاتها لراديو مسك، علمنا من لينا أنّها لم تكتف بتوزيع الكتب على السجون، لكنها تابعت بنفسها مدى ارتياد المودعين للمكتبات لتحصل على مؤشرات عالية جدا بالمقارنة مع المنتظر. 

رحلت لينا، وهي من بين أكثر مائة امرأة تأثيرا في العالم، والأولى من نوعها في هذا البلد الصغير.