قصر برج بكوش: صرح آخر من هويتنا المعمارية قد يتلاشى

قصر برج بكوش: صرح آخر من هويتنا المعمارية قد يتلاشى

Partager

خلال شهر مارس من سنة 2018، أعلن محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية عن قرار الشروع في ترميم المعلم التاريخي "قصر برج البكوش" في أريانة، هذا البناء الذي تحول إلى خراب منذ عشر سنوات، وتم الإستيلاء عليه من قبل مجموعة من العائلات التي قطنت به لفترة. في 2018، أعلن الوزير عن رصد مبلغ بقيمة خمسة ملايين دينار لترميم القصر ولتحويله إلى مركب ثقافي متعدد الإختصاصات يخضع إلى المعايير الدولية.  يمتد المعلم على مساحة أربعة آلاف متر مربع، كما كان من المفترض تسليم عملية الترميم لبلدية أريانة كما تعهد الوالي حينها بإيجاد حلول للعائلات القاطنة بالقصر. 

على ما يبدو، لم يبق من كل هذه الوعود سوى الحبر، حيث فوجئنا منذ قليل بتدوينة المهندس المعماري نسيم غرسلاوي على صفحة الجمعية التونسية المختصة في المعالم الأثرية "وينو الباتريموان"، ناشرا مجموعة من الصور التي تستعرض الوضع المزري الذي وصل إليه القصر بعد تعرضه لعمليات نهب وتدمير بالإضافة إلى الإهمال التام بعد أن كان حاضنا لمجموعة من النوادي الثقافية للرقص والمسرح والموسيقى. 

 

تدوينة وسيم غرسلاوي:

 

"إنقاذ ما يمكن إنقاذه

مررت اليوم بالصدفة من أمام قصر برج البكوش. كانت أبوابه مفتوحة و كان في حالة مزرية، مهملًا، مخرّبًا، مدمّرًا. كان يتجوّل فيه تلاميذ المعاهد المجاورة. لا تخطو فيه خطوة حتّى ترى حجم الدّمار و الخراب الذي حلّ به. جليز مقلّع و أخر مهشّم، آثار الحفر للبحث عن الكنوز و الآثار، جدران محطّمة أسقف تقطر. خراب خراب خراب

قصر برج البكوش لمن لا يعلم يقع في مدينة أريانة و تمتد مساحته على أربعة آلاف متر مربع. يعود بناؤه للقرن الثامن عشر. هو بإختصار جوهرة معماريّة و تاريخيّة نفيسة لا تقدّر بثمن.

و من سخريّة الوطن فهذا المعلَم ملاصق للمندوبية الجهويّة للثقافة و على بعد 500م من مقر الولاية و كيلومتر على قصر البلديّة.

كان مستعملًا من بعض المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة، و بدعوى الحفاظ عليه و ترميمه تمّ إخلاؤه سنة 2015 بطريقة ركيكة و لا مسؤولة تاركين وراءهم معدّات و وثائق إداريّة مهملة و معرّضة للإتلاف (وهذا ما تمّ فعلًا)، و تاريكنه عرضة للسرقة و التخريب.

سمعنا أن أشغال الترميم إنطلقت في جويلية 2019 تحت إشراف المعهد الوطني للتراث و لكن لم نر إلاّ التخريب و العبث بالوطن و التاريخ."


 

لا بدّ أنّ في هذه التدوينة نداء عاجل للسلط المختصة للشروع فيما وعدوا به سابقا حتى لا نخسر صرحا آخر من هويتنا المعمارية الغارقة في التلاشي يوما بعد يوم.

 

 

صور الغلاف: نسيم غرسلاوي